الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة مديح بلعيد: ناعورة الهواء نجح في جذب الجمهور دون ميوعة او إثارة

نشر في  16 جويلية 2014  (11:47)

كانت خطواته مدروسة جدا وثابتة وغير متسرعة، فالمخرج مديح بلعيد الذي أطل علينا للمرة الأولى بمسلسل «نجوم الليل» في جزئيه الأول والثاني لم يبحث عن غزارة الانتاج قدر بحثه عن العمل الذي يترك من خلاله بصمته الخاصة ولعل هذا ما يفسر ان بلعيد لم يقدم اعمال تونسية اخرى بعد « نجوم الليل» حتى جاءت الفرصة التي ينتظرها ونقصد «ناعورة الهواء»، هذا العمل الذي لاقى الى حدّ الآن نجاحا ملفتا واعجاب النقاد والمشاهدين  وذلك لما تميز به من سيناريو قوّي واخراج متميز وهذا ليس رميا للورود بل ما أثبتته نسب المشاهدة مؤخرا وهو أنّ «ناعورة الهواء» تمكّن من احتلال الصدارة والتغلب على بقية الاعمال الرمضانية .
المخرج مديح بلعيد سلّط الأضواء وفي خطوة جريئة جدا على مواضيع كانت الى زمن قريب محظورة فوجدناه ينقل لنا عبر الشاشة الصغيرة عالم المخدرات وسرقة الاطفال واستغلالهم وشبكات الدعارة المنظمة والتحرش الجنسي والمتاجرة بالاعضاء وغيرها من الآفات التي تنخر لا فقط تونس بل كل المجتمعات والشعوب.
من جهة اخرى نشير الى ان المخرج مديح بلعيد كان يرفض اجراء حوارات صحفية منذ انطلاق بث المسلسل مبررا ذلك برغبته في احتلال الصدارة والتربع على عرش نسب المشاهدة.. وها قد التقيناه وكان لنا معه الحوار التالي...

محافظ البنك المركزي السابق مصطفى كمال النابلي جدير برئاسة تونس

ليس ذنبي أنّ زوجتي ريم الرياحي ممثلة وحبيبة رائعة


ـ في البداية لماذا كنت مصرّا على عدم اجراء أي حوار صحفي الا بعد احتلال مسلسل ناعورة الهواء الصدارة في نسب المشاهدة؟
اولا لأني أردت الاطمئنان على نجاح العمل وعلى تمكنه من شدّ المشاهد وجذب اهتمامه، فأنا بذلت مجهودا كبيرا من اجل انجاح هذا المشروع وكنت انتظر لحظة كسب هذا الرهان وحينها اتكلم بكل فخر عن هذا العمل .
ـ هل يصحّ القول أن مسلسل ناعورة الهواء هو تحد مديح بلعيد ل»مكتوب» سامي الفهري؟
هو تحد لذاتي أولا، فانا انجزت مسلسلا يتضمن اكثر من 20 حلقة وكل حلقة بها 52 دقيقة في وقت وجيز جدا وتحديدا في  13 أسبوع وهذا كان اول تحد .. اما التحدي الثاني فهو كسب جمهور او بالاحرى افتكاك الجمهور خاصة وان بقية الاعمال الرمضانية كمسلسل مكتوب وسيتكوم نسيبتي العزيزة لهما جمهورهما الخاص ... وبالتالي التحدي الاكبر كان اثبات الذات والكفاءة على جميع المستويات ..
ـ نفهم من كلامك انك راض عن العمل وتعتبر نفسك كسبت الرهان؟
انا راض عن المسلسل بنسبة 60 بالمائة لأنّي وكلما رأيت بعض المشاهد اقول انه كان بالامكان تصوير احسن منها لكن وكما اخبرتك مشكل ضيق الوقت هو الذي حال دون التّمتّع بكامل الحرية في التصوير .. بصفة عامة شعرت بالراحة منذ الحلقة الخامسة حيث تأكدت ان النتيجة ايجابية وهو ما لمسته عند المشاهد والنقاد ...
ـ تحدثت عن ازمة ضيق الوقت الا ترى ان هذا الاشكال يكاد يتكرر كل سنة، حيث عادة ما يتم انتاج اعمال رمضان قبل شهرين او ثلاثة؟
للأسف هذا صحيح  ونحن مطالبون بتغيير هذه العقلية والاعداد جيّدا لأي عمل درامي بل من المفروض ان ننطلق من الآن في الاعداد لرمضان 2015 ، وهنا استغل الفرصة لاشكر كل فريق مسلسل ناعورة الهواء من ممثلين وتقنيين على كل المجهود الذي بذلوه لاتمام العمل في وقت وجيز .
ـ لماذا برأيك لم ينجح مسلسل ناعورة الهواء في احتلال المراتب الأولى من حيث نسب المشاهدة منذ البداية؟
كل ما في الموضوع هو انّ المسلسل جديد ومنافسونا لهم جمهورهم كما اخبرتك لذلك كانت مهمة افتكاك الجمهور مهمة صعبة جدا في البداية، من جهة اخرى انا لست معروفا بما فيه الكفاية فباستثناء نجوم الليل 1 و2 لم اقدم اعمالا في تونس  لكن والحمد لله منذ الحلقات الأولى تاكدت ان نسبة كبيرة من المشاهدين شدتهم قصة ناعورة الهواء، اضافة الى اني سعيد بجذب الجمهور دون التعويل على الميوعة او الاثارة المبالغ فيها بل بجودة وحرفية العمل .
ـ تحدثت عن نجوم الليل، فأين اختفى مديح بلعيد بعد هذا العمل ؟
اكملت دراستي، فانا درست 4 سنوات سينما وعامين كتابة سيناريو، وهنا اشير الى ان بدايتي كانت كمساعد مخرج ثالث وكانت مهمتي انتقاء الوجوه الجديدة وقد عملت في قرابة 30 فيلما قبل ان اصبح مساعد مخرج ثان فأول  بمعنى اني اشتغلت كثيرا وتعبت للوصول الى ما انا عليه اليوم... اما في الفترة التي لحقت مسلسل نجوم الليل فأنا قدمت عديد الاعمال في الخليج وعلى قناة العربية حيث انجزت على سبيل المثال سلسلة وهي عبارة عن شريط وثائقي درامي  تحمل عنوان «الفرار من قرطاج» مع العلم ان هذه السلسلة وصلت الى 245 مليون مشاهد على اليوتيوب .. وهنا انا لا انفي اني تلقيت عروضا من تونس لكنها لم تكن في المستوى المطلوب.. في الاثناء تلقيت عرض ناعورة الهواء من قبل المنتج نجيب العياد وبعد الاطلاع على السيناريو وافقت فورا.
ـ وما الذي شدّك في ناعورة الهواء تحديدا ؟
الايقاع وعنصر المفاجأة والتشويق اضافة الى الحركة... كما اني لا انكر اهمية القصة لكن وصدقا طريقة السرد السينمائي هي التي شدتني في المسلسل حيث شعرت بعد قراءة السيناريو اني قادر على تحويل القصة الى صورة ..
ـ عبّر جلّ الممثلين في «ناعورة الهواء» عن استيائهم من التجاء مؤسسة التلفزة الى صنصرة  بعض المشاهد من العمل باستثنائك، فلماذا التزمت الصمت؟
للممثلين الحق في التعبير عن رفضهم وتنديدهم بما حصل، من جهتي لم ارغب في اثارة ضجة اعلامية تنسينا العمل حدّ ذاته فانا اردت ان ينجح العمل بعيدا عن افتعال ضجة حوله .. لكني في الاثناء اتصلت بالمنتج بحكم اني اتعامل مباشرة معه وليس مع مؤسسة التلفزة، وبالفعل استطاع نجيب عياد ان يجد الحلّ والدليل هو انّ هذه المؤسسة لم تلتجا الى صنصرة مشاهد اخرى من ناعورة الهواء وبالتالي لم يكن من داع لتصعيد الموقف.. فانا اؤمن ان اي عمل يستحق الصبر والمثابرة الى آخر لحظة .
ـ رغم الاتفاق المبدئي على اهمية المواضيع المطروحة في ناعورة الهواء فان هذا العمل لاقى انتقادات في ما يتعلق بحدّة بعض مشاهده؟
ذلك هو السيناريو فنحن لم نقم بأي تحوير، وهنا اؤكد ان الصورة اشد وقعا وتؤلم اكثر من الكلمات وهو ما جعل البعض يرى ان بعض المشاهد كانت صادمة، وهنا افيدكم اني حاولت قدر المستطاع مراعاة مشاعر العائلات التونسية وكانت خطواتي مدروسة الى ابعد حدّ بل فعلت كل ما بوسعي لايصال الرسالة بطريقة غير مباشرة اي قول ما لا يقال عبر الايحاء على سبيل المثال نحن نتحدث في ناعورة الهواء عن التحرش الجنسي وقد حاولت التطرق الى الموضوع بطريقة اراعي فيها ان العائلات التونسية تكون مجتمعة اثناء بث المسلسل... اما بخصوص مشهد جراحة القلب فصحيح انه كان صادما لكني لم اجد طريقة اخرى لتصوير ذلك المشهد فانا اعتمدت طريقة فنية لايصال موضوع في غاية الأهمية .
ـ اعتبر البعض ان «ناعورة الهواء» لا يعكس الصورة الحقيقية لتونس وانه موغل في السوداوية فبماذا تجيب منتقديك؟
نحن قمنا بتصوير قصة او بالأحرى خرافة، وليس بالضروري ان تكون مستوحاة من الواقع وليس من الضروري ان نتحدث عن تونس تحديدا ... انا نقلت الصورة كما قرأتها في السيناريو .. من جهة اخرى أشير الى المسلسل لم يكن سوداويا كما ذكرت حيث نجد انه مزيج من الحب والضحك والرقص والظلم والسرقة والاجرام والبهجة، ولا نستطيع التركيز على محور بعينه واهمال بقية المحاور.. وعموما تلك هي الحياة شرّ وخير .. حب وكره ..وبالتالي نحن تحدثنا عن الحياة وليس عن تونس ..
ـ هل نفهم من كلامك ان ناعورة الهواء لا يعكس الواقع التونسي؟
أولا انا لم اقم بتصوير فيلم وثائقي عن تونس .. من جهة أخرى لكل نظرته ولكل وجهة نظره فهناك من يرى ان تونس اجمل واحلى بالف مرة من ناعورة الهواء وهناك من يرى ان الواقع في تونس اكثر حدّة وبشاعة مما قدمناه وبالتالي لكل قراءته للمسلسل .
لكن المواضيع المطروحة كالمتاجرة بالاعضاء وبالمخدرات وشبكات الدعارة المنظمة واستغلال الاطفال، هي مواضيع مستوحاة من الواقع؟
كما اخبرتك لكل نظرته الخاصة، لكن هذا لا يعني ان المواضيع التي تطرقنا اليها ليست موجودة، وهنا اذّكر انه تم التفطن في عهد بن علي الى عصابة مختصة في سرقة الاطفال والمتاجرة بأعضائهم لكن بن علي تدخل في ذلك الوقت ووقع اخفاء الحقيقة .. وبالتالي يجب البحث ان كانت هذه المواضيع موجودة ام لا نحن نسلط الضوء عليها لا غير.
ـ صدقا ما هي المواضيع التي تمنيت لو وقع اضافتها الى السيناريو؟
كنت اتمنى لو تطرقنا الى مواضيع سياسية كالرئاسة على سبيل المثال، وتسليط الضوء على كواليس هذا العالم .
ـ ألم تخشوا ردّة فعل  بعض الاطراف المعنية بأحداث المسلسل؟
نحن لم نصوّر في المصحة الا بعد ان اطلّع صاحبها على السيناريو، وقد اعرب لنا مالك الكلينيك عن اعجابه بالسيناريو، وبالتالي الاشكال يكمن في العقلية، فان تقبل اي طرف ان الاعمال الدرامية ماهي الاّ صورة كاريكاتورية فلن يزعجه النقد بطبيعة الحال، وهنا افيدكم ان صاحب المصحة ساعدنا كثيرا حيث وفر لنا طاقم طبي وشرح لنا بعض الجزئيات التي نجهلها.
من جهة اخرى اعلمكم ان احدى جمعيات حماية الطفل اتصلت بنا وشكرتنا على تسليط الضوء على مسائل حساسة تهم الطفل.
ـ  على اي اساس تمت عملية الكاستينغ؟
صراحة شرف لي اني تعاملت مع ممثلين في قمة الروعة وصدقا احبهم جميعا كأبنائي واخوتي وهنا استغل الفرصة لأشكر كل الفريق على صبره وكل المجهودات التي بذلها ... اما الكاستينغ فصار بشكل طبيعي ولعل الملفت في الامر هو ان الجميع آمن بي وبمشروعي ... في المقابل اريد التنويه على الحرفية العالية للاطفال حيث لم اجد اي صعوبة في التعامل معهم .
ـ لم نر ريم الرياحي  في بقية الاعمال الدرامية مؤخرا باستثناء نجوم الليل وناعورة الهواء، فهل نفهم انه لا يؤمن بموهبة ريم سوى زوجها؟
الذنب ليس ذنبي كون زوجتي ممثلة رائعة ومتميزة، صدقا احمد الله لانه منحني هذه الزوجة التي من المستحيل ان اجد مثلها ولو جمعنا كل نساء العالم، فريم ممثلة رائعة وزوجة طيبة، هي صديقتي واختي وام ابنائي وحبيبتي وبطبيعة الحال اكون في قمة السعادة عندما تمثل معي ريم خاصة وانها تكون حريصة على رفع معنوياتي ... وهنا اشير اني لم اكن انا من اقترح دور حنان على ريم بل كان الامر ببادرة من المنتج نجيب عياد .
ـ انتجت مصر اكثر من 80 عمل درامي خاص بشهر رمضان نفس الامر بالنسبة الى سوريا التي تمر بازمات سياسية، فلماذا برأيك لم تنتج تونس سوى عملين فقط؟
يكمن الاشكال الحقيقي في اصحاب القرار، فمصر وسوريا لم يصلوا الى هذه المرحلة المتقدمة من الانتاجات الدرامية سوى بدعم المستثمرين العرب وهو ما ينقصنا وبالتالي كان حريا باصحاب القرار استقطاب الرأس المال الاجنبي من منتجين ورجال اعمال وتحفيزهم على الانتاج في تونس خاصة وان بلدنا تعتبر الأكثر أمنا من بقية الدول العربية ... خلاصة القول اصحاب القرار هم المشكل ..
ـ ما الذي شدّ انتباهك الى حد الآن من الاعمال الدرامية؟
انا لا اشاهد التلفاز بحكم انشغالي في العمل، لكن هذا لا يمنع اني اتابع عبر الانترنات كل من «مكتوب» ونسيبتي العزيزة» و»طالع هابط» و «هابي ناس» و»سلام ميسيو» اي كل الاعمال تقريبا .. اما بخصوص العمل الذي نال رضائي فهو «ناعورة الهواء»  بطبيعة الحال مع احترامي لبقية الاعمال ..
ـ ما الذي يحول دون عودتك من فرنسا والاستقرار في تونس؟
لي العديد من الالتزامات خارج حدود الوطن فأنا اتعامل كثيرا مع شركات اشهار، وهو ما يحول دون العودة والاستقرار في الوقت الراهن في تونس..لكني ازور بلدي باستمرار خاصة اذا تعلق الامر بالعمل .
ـ ونحن على مشارف الانتخابات التشريعية والرئاسية لمن يرجح مديح بلعيد الكفة؟
للحزب القادر على اخراج تونس من عنق هذه الزجاجة وتوفير الامن لها .. وانا ارجح القوى الديمقراطية بطبيعة الحال ...
ـ ومن تراه الاجدر برئاسة تونس ؟
محافظ البنك المركزي السابق مصطفى كمال النابلي
ـ بعد ثلاث سنوات ماذا ربح الشعب التونسي وماذا خسر؟
لم نربح الكثير في المقابل خسرنا الامن وتغلغلت ظاهرة الارهاب، نحن اليوم في صراع ونحتاج سنوات اخرى للخروج من كل هذه الازمات .

حاورته: سناء الماجري